سورة الشعراء - تفسير تيسير التفسير

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (الشعراء)


        


الروح الأمين: جبريل عليه السلام: جبريل عليه السلام. على قلبك: عليك وعلى روحك. زُبُر الاولين: كتب الاقدمين. الآية: الدليل والبرهان. الأعجمين: كل من لا يتكلم العربية. سلكناه: ادخلناه. بغتة: فجأة. منظَرون: مؤخرون. ذِكرى: تذكرة وعبرة. ما ينبغي لهم: لا يقدرون عليه، ولا يتيسر لهم. لمعزولون: لممنوعون.
بعد أن اختتم سبحانه هذا القصص، وبيّن ما دار بين الأنبياء واقوامهم من الجدل، وذَكَرَ انه قد أهلك المكذّبين، فدالت دولةُ الباطل وانتصر الحق (وفي ذلك كله تسلية لرسوله الكريم)- وعد الله رسولَه بأنه منتصر على قومه مهما آذوه ولقي منهم من الشدائد: {سُنَّةَ الله فِي الذين خَلَوْاْ مِن قَبْلُ وَلَن تَجِدَ لِسُنَّةِ الله تَبْدِيلاً} [الأحزاب: 62].
بعد ذلك بين الله تعالى ان هذا القرآن الذي جاء بذلك القصص وحيٌ من عنده أنزله على عبده ورسوله بلسان عربيّ مبين، لينذر به ويبشّر عباده، وان ذكره في الكتب المتقدمة المأثورة عن الانبياء الذين بشروا به كما جاء على لسان عيسى بن مريم {وَإِذْ قَالَ عِيسَى ابن مَرْيَمَ يابني إِسْرَائِيلَ إِنِّي رَسُولُ الله إِلَيْكُم مُّصَدِّقاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التوراة وَمُبَشِّراً بِرَسُولٍ يَأْتِي مِن بَعْدِي اسمه أَحْمَدُ} [الصف: 6].
وان العلماء من بني اسرائيل يجدون ذكره في كتبهم كما قال تعالى: {الذين يَتَّبِعُونَ الرسول النبي الأمي الذي يَجِدُونَهُ مَكْتُوباً عِندَهُمْ فِي التوراة والإنجيل} [الاعراف: 157].
وان قومك ايها الرسول سمعوا القرآن وعرفوا فصاحته، وأدركوا انه معجز لا يعارَضُ بكلام مثله، ومعهذا لم يؤمنوا به فلو أنّا انزلناه على بعض الاعجمين فقرأه عليهم لكفروا به.
{كَذَلِكَ سَلَكْنَاهُ فِي قُلُوبِ المجرمين}
بيَّنا لهم القرآن ودخل قلوبهم ولم يؤمنوا به. وهم لا يؤمنون به كفرا وعنادا منهم، حتى يأتيهم عذاب الله بغتة وهم لا يشعرون، فيتمنون عند ذلك ان يؤخَّروا حتى يؤمنوا. ولكن هيهات... فات الاوان. فقد جرت سنة الله ان لا يُهلك قوماً الا بعد أن يبعث فيهم مبشّرين ومنذرين.
ثم ردّ على مشركي قريش الذين قالوا: إن لمحمدٍ تابعاً من الجنّ يخبره كما يخبر الكهف فقال: {وَمَآ أَهْلَكْنَا مِن قَرْيَةٍ إِلاَّ لَهَا مُنذِرُونَ} يذكّرونهم وينذرونهم، وما كان شأننا الظلم فنعذّبَ أُمه قبل ان نبعث اليها رسولا. وما تنزلت الشياطينُ بهذا القرآن، وما يجوز لهم، وما يستطيعون.
قراءات:
قرأ ابن عامر وأبو بكر وحمزة والكسائي: {نزّلَ به الروحَ الأمينَ} بتشديد الزاي المفتوحة ونصب {الروح الامين}، والباقون: {نَزَلَ به الروح الامين} بفتح الزاي دون تشديد، ورفع {الروح الامين}. وقرأ ابن عامر: {اولم تكن لهم آيةٌ}، بالتاء ورفع {آية}، اسم {تكن}. والباقون: {اولم يكن لهم آيةً} بالياء ونصب {آية}، خبر {يكن}.


فلا تدعُ مع الله الها آخر: لا تعبد غير الله. واخفضْ جناحك: ترفّق بمن اتبعك من المؤمنين، وكن ليِّناً معهم. وتقلُّبك في الساجدين: يراك مع المصلين حين تصلّي.
أخلِص العبادة لله وحده، ولا تشرك به سواه، كما يدعوك قومك، فإن فعلت ذلك كنتَ منن المعذَّبين وانذر أقرب الناس اليك من عشريتك.
روى البخاري ومسلم عن ابن عباس قال: «لما نزلت هذه الآية دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم قريشا، وأتى الصَّفا فصعد عليه ثم نادى: يا صباحاه، فاجتمع الناس اليه، فقال: يا بني عبدِ المطّلب، يا بني فِهر، يا بني لؤي، ارأيتم لو أخبرتكم ان خيلاً بسفح هذا الجبل تريد ان تغير عليكم صدقتموني؟ قالوا: نعم، قال: فإني نذير لكم بين يدي عذاب شديدز فقال أبو لهب: تباً لك سائر اليوم، اما دعوتنا الا لهذا»؟ فأنزل الله تعالى: {تَبَّتْ يَدَآ أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ}.
{واخفض جَنَاحَكَ لِمَنِ اتبعك مِنَ المؤمنين} ألنْ جانبك، وترفّق مع المؤمنين.
{فَإِنْ عَصَوْكَ فَقُلْ إِنِّي برياء مِّمَّا تَعْمَلُونَ}
فإن عصاك من انذرتَهم من العشيرة وغيرهم فلا ضير عليك، وقد أديت ما أُمرت به، وقل لهم اني بريء منكم ومن شِرككم بالله.
وتوكل على الله وفوِّض جميع امورك اليه، وهو الذي يراك حين تقوم للعبادة، ويراك وانت تصلّي بين المصلين، انه هو السميع لدعائك وذكرك، العليم بنيتّك وعملك انت وجميع العباد واقوالهم وأفعالهم.


انبئكم: أخبركم. كل أفّاك: كل كذاب، أثيم: مجرم كثير الذنوب. يُلقون السمع: يصغون اشد الاصغاء إلى الشياطين، فيتلقون منهم. الغاوون: الضالون. في كل واد يهيمون: في كل مكان يسيرون وراء خيالاتهم. أيّ منقلَب: أي مرجع ومآب.
لقد اتهمت قريش النبيَّ صلى الله عليه وسلم ان الشياطين هي التي توحي اليه القرآن، فردّ عليهم ان الشياطين لا تُنَزل على الانبياء، بل على الكذّابين الآثمين المنحرفين الذين تلقي اليهم الإفكَ والكذب، وهم كاذبون يختلقون من عندهم ما يقولونه لأتباعهم. وأنّ الشعراء يتّبعهم الضالون الحائدون عن الطريق القويم، ألم تَرَ أنهم يجرون وراء خيالهم في ضروب من القول، ويقولون ما لا يفعلون!
ولما وصف الشعراء بهذه الاوصاف الذميمة استثنى منهم المؤمنين المتصفين بالصفات الحميدة من الايمان، والعمل الصالح، والقول الصادق، وعدمِ هجاءِ الناس واختلاق الاقوال السيئة مثلَ حسّان بن ثابت، وعبد الله بن رواحة، وكعب بن مالك وغيرهم رضوان الله عليهم. والى هذا اشار بقوله تعالى: {إِلاَّ الذين آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصالحات وَذَكَرُواْ الله كَثِيراً وانتصروا مِن بَعْدِ مَا ظُلِمُواْ}.
روى ابن جرير: انه لما نزلت هذه الآية جاء حسّان بن ثابت وعبد الله بن رواحة وكعب ابن مالك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهم محزونون وقالوا: قد علم الله حين أنزل هذه الآية أنا شعراء، فتلا النبي قوله تعالى: {إِلاَّ الذين آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصالحات} وقال: انتم. ثم تلا: {وَذَكَرُواْ الله كَثِيراً} وقال: انتم. ثم {وانتصروا مِن بَعْدِ مَا ظُلِمُواْ} وقال: انتم.... يعني بردّهم على المشركين، ثم قال لهم رسول الله: «انتصِروا ولا تقولوا إلا حقا، ولا تذكروا الآباء والأمهات».
ثم ختم الله السورة بالتهديد العظيم، والوعيد الشديد للكافرين فقال: {وَسَيَعْلَمْ الذين ظلموا أَيَّ مُنقَلَبٍ يَنقَلِبُونَ}
سيعلم الظالمون أي مصيرٍ ينتظرهم من الهلاك والشرّ والعذاب.

1 | 2 | 3 | 4 | 5